في عالم اليوم، والذي بات فيه الإقتصاد الرقمي أكثر ترابطا، لم يعد التعاون بين الشركات الفاعلة التي تقود هذا الإقتصاد مجرد استراتيجية تقوم على عوامل الربح والخسارة، بل عاملا ضروريا ومهما لبناء إطار فائق المرونة لحماية أمن المعلومات من الأخطار المحدقة بها. ومع تعقد البنى التحتية الرقمية وتطورها المستمر، لم يعد بإمكان جهة واحدة – مهما حازت من الإمكانات الفنية والمالية – أن تواجه مثل تلك الأخطار المتزايدة بصورة فعالة لوحدها.
لقد برزت الحاجة لتعزيز التعاون بين الأطراف المعنية لتحقيق هذا التوجه بسبب التطور الخطير الذي بلغته الهجمات الإلكترونية الموجهة لأنظمة المعلومات، إذ كشف تقرير صادر عن مؤسسة برايس ووترهاوس كوبرز 2024 حول الواقع الرقمي عالميا بأن 47% من قادة الأعمال في العالم يعولون على ما يسمى بـ " الأمن السحابي "، ويعدونه همهم الأساسي الذي ينبغى العمل عليه خلال العام القادم. ومثل هذا " الأمن السحابي " لم يأت عبثا، بل بسبب اكتشاف ثغرات جديدة يمكن للقراصنة النفاذ من خلالها والعبث بالأنظمة الرقمية حتى في ظل الميزات التي تتمتع بها التقنيات السحابية من مرونة عالية وترقية متقدمة. ولهذه الأسباب مجتمعة، نشأت الحاجة للتعاون بين الهيئات الحكومية وكبريات شركات التكنولوجيا، وبالتحديد تلك المعنية بأمن وسلامة المعلومات لتطوير حلول شاملة تحمي البنية التحتية السحابية، وما يرتبط بها من بيانات، وفي مختلف بيئات العمل..
من خلال حشد الإمكانات وتبادل المعلومات والاستثمار في نقاط القوة لكل الأطراف والشركاء الفاعلين في هذا المضمار، فقد بات من السهل الآن عليهم الخروج بإطار دفاعي متعدد الأوجه لأمن وسلامة المعلومات يفوق في مرونته الإطار الذي يمكن أن تضعه جهة واحدة.
وبالنظر إلى الحاجة الملحة للتعاون بين الجهات الرائدة المعنية بأمن وسلامة المعلومات محليا وعالميا، فقد تنادت كل من شركة سلام وشركة سايبرنايت وشركة سايبر بوليجون ( وهي مبادرة تدريبية في مجال أمن وسلامة المعلومات أطلقتها شركة BI.ZONE ) للإلتقاء في مؤتمر أمن المعلومات لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2024 في دورته الثانية عشرة، والذي تستضيفه شركة فيرتوبورت تحت شعار " أمن بيانات مرن: التصدي للتحديات المتغيرة: بيئة تجمع مابين تقنية المعلومات والتكنولوجيا العملياتية وإنترنت الأشياء والإنترنت الصناعي للأشياء والسحابية المهجنة"، وذلك لمناقشة سبل تأسيس إطار فائق المرونة لأمن وسلامة المعلومات للمملكة العربية السعودية.
برز اسم شركة سلام من بين الشركات التي حضرت المؤتمر، وهي عبارة عن شركة سعودية متخصصة في مجال الاتصالات والبنية التحتية الرقمية وذات انتشار واسع محليا وإقليميا مكنها من النجاح في تأسيس البنية التحتية اللازمة للإقتصاد الرقمي للمملكة، وكل ما يتصل به من عمليات تشغيلية وشبكات متطورة، مما رشحها لتكون من الشركات الريادية في تعزيز أمن وسلامة المعلومات في المملكة، وبخاصة مع تنامي التهديدات الإلكترونية الموجهة للأنظمة السحابية. وفي هذا السياق، يشير تقرير برايس ووترهاوس كوبرز إلى أن 42% من الشركات والمؤسسات ذات البيئات السحابية المهجنة باتت تعد الأمن السحابي من أولوياتها القصوى، وهو أمر سيكون لشركة سلام مساهمة كبيرة في تحقيقه..
شركة أخرى رائدة على صعيد تقنية " صفر ثقة "؛ وهي شركة سايبر نايت. وهي تقنية برزت مع نشوء الجيل السحابي الجديد وبزوغ عصر التحول الرقمي الذي فرض على الشركات والمؤسسات إيجاد أسلوب مختلف لتحقيق أمن وسلامة المعلومات؛ أسلوب يكون أكثر تكيفا وقدرة على التفاعل مع التطورات التي تطرأ على البنية التحتية الرقمية الحديثة، ويعزز من فعالية قوى العمل المتحركة والتقنية السحابية، ويحمي البيانات والأجهزة والتطبيقات. ومن هنا نشأت تقنية " صفر ثقة "، والتي تهدف أساسا للمساعدة في فهم وإدارة والتقليل من عامل الثقة في الأنظمة الأمنية التقليدية وافتراض " ضررها " للتعامل معها من هذا المنطلق. وشركة سايبر نايت نجحت في تبني هذه التقنية، والتي أسمتها " إطار فوريستر صفر ثقة "، والذي اتخذته أسلوبا يميز كل حلولها ومنتجاتها واستراتيجيتها بصورة عامة.
وفي تعبير له عن هذا الأمر، صرح السيد/ وائل جابر، كبير موظفي الإستراتيجية في شركة سايبر نايت قائلا: " إن مساهمتنا في مؤتمر أمن المعلومات لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2024 تأتي انسجاما مع رؤية المملكة 2030، والتي جعلت البنية التحتية الرقمية القوية أولوية بالنسبة للمملكة وأساسا لنموها الإقتصادي. ومثل هذا المؤتمر العالمي سيظل منطلقا لجميع قادة الفكر في المملكة لقدرته على جمع خبراء أمن المعلومات والفاعلين في هذا القطاع، وكل من يسهم في تشكيل مستقبل أمن وسلامة المعلومات محليا. وباعتبارنا شركة ذات مصداقية في هذا القطاع، يمكنني القول أن وجودنا في هذا المؤتمر يعد هاما بالنسبة لنا ولجميع الأطراف المشاركة الأخرى فيه لطرح آخر التحديثات المتصلة بتقنية " صفر ثقة "، وبالصورة التي تحقق احتياجات المملكة والمنطقة بعامة. "
شركة أخرى لها دور بارز في المؤتمر وفي التعاون المنشود، وهي شركة ساييبر بوليجون ( وهي عبارة عن مبادرة أطلقتها شركة BI.ZONE الأم لتقديم خدمات التدريب عبر الإنترنت لتعزيز المرونة فيما يتعلق بأمن وسلامة المعلومات ). وتركز هذه المبادرة على عمليات تطوير وتدريب العاملين في مجال أمن وسلامة المعلومات كأولوية أساسية في الإقتصاد الرقمي اليوم. ومع تعقد طبيعة الهجمات الإلكترونية، فإن الحاجة للتدريب المستمر وتبادل المعلومات بات ضروريا. ولهذا ستعمل الشركة على التعامل مع هذا الأمر من خلال تقديم تدريب يعزز مهارات العاملين في مجال أمن المعلومات، وبخاصة في المملكة، وطبقا لما قررته رؤية 2030 حول تطوير الموارد البشرية....
مع النقص الحاصل في أعداد الخبراء العاملين في مجال أمن المعلومات، والذي قارب 4 ملايين خبير بحسب أرقام المنتدى الإقتصادي العالمي، فسوف يكون لجهود الشركة في هذا الإطار دورا كبيرا من خلال تصميم دورات تدريبية قائمة على أحدث التقنيات المستخدمة ضمن سيناريوهات تجري في العالم الحقيقي لتمكين المتدريبين من تعزيز مهاراتهم العملية في مواجهة الهجمات الإلكترونية.
وفي وصفه لهذا التوجه، صرح السيد/ ديميتري سامارتسيف، الرئيس التنفيذي لشركة BI.ZONE. بقوله: " إننا سعداء بالمشاركة مع مؤتمر أمن المعلومات لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2024 لاستضافة شركة سايبر بوليجون، والتي تعد أكبر شركة دولية متخصصة في التدريب على أمن المعلومات. وخلال المؤتمر، سوف نقوم بعرض سيناريو يقوم على إصطناع هجوم إلكتروني حقيقي على إحدى شركات التكنولوجيا. وهذا السيناريو مبني على أساس سنوات من الخبرة في مجال التحقيقات المتصلة بالهجمات الإلكترونية والتكتيكات والأساليب والإجراءات التي يتبعها القراصنة اليوم. وهنا أشير إلى أن أكثر من 250 شركة ومؤسسة من 50 دولة من دول العالم سجلت في هذه الدورة التدريبية، والتي ستعمل - برأيي - على تعزيز المرونة تجاه التهديدات الرقمية داخل وخارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ومثل هذا التعاون يأتي في مرحلة مفصلية وحساسة، إذ كشف تقرير برايس ووتر هاوس كوبرز عن أن 79% من الشركات والمؤسسات تخطط لزيادة ميزانيتها المخصصة لحماية أمن وسلامة المعلومات في عام 2024، والتركيز على تحديث البنية التحتية التقنية، ومضاعفة الاستثمارات الحالية. وبالتوازي مع هذا الأمر، فإن التعاون المنشود ببين الأطراف المشاركة في المؤتمر سوف يكون له الدور الأكبر في تعزيز بيئة المعلومات وسلامتها في المملكة، والإبقاء عليها في وضع مرن وصامد في وجه التهديدات الرقمية المتنامية.