حوار.. المهندس سعيد أبوالعزائم يكشف لـ«الحياة نيوز» دور الإمام أبي العزائم في المعارضة الراشدة

يموج الشارع السياسي على مستوى العالم بأحداث جسام، وتتعرض الدول لمخاطر اقتصادية وسياسية وعسكرية واجتماعية، قد تؤثر بشكل سلبي على المواطن.

وهنا يظهر ويتجلى صدق المشاعر للوطن، ويصبح الإخلاص والوفاء هو البوصلة الحقيقية، وبها ينجو الوطن من شر الفتن.

ولأن لكل مقام مقال، وللواقع فقه يحكم في توقيت بعينه قد يتغير في غيره، نتعلم كيف تكون المعارضة راشدة.

تخرج الإمام أبوالعزائم في كلية دار العلوم في أول دفعاتها، وكان المشرف على التعليم في مصر ومؤسس دار العلوم هو علي باشا مبارك رائد التعليم في مصر،

وقرر اختيار أول دفعة من خريجي دار العلوم وتوزيعهم في مدارس مصر والسودان،

وكان اختيار الإمام أبى العزائم الذي تخرج وهو في بداية العشرينات من العمر،

فالتحق بالعمل مدرسا للغة العربية في السودان، حتى التحق بكلية غوردون بالخرطوم مدرسا للغة العربية.

ومن المعروف أن الإمام كان محبا لمصر وفي توقيت سياسي شائك بسبب الاستعمار.

لهذا كتب أعظم المسرحيات الرمزية وهي مسرحية (محكمة الصلح الكبرى) والتي تمت إذاعتها بعد ذلك الإذاعة المصرية. 

ولهذا كان علينا أن نستخرج من سطور التاريخ المواقف والدروس مع المهندس سعيد أبوالعزائم، ليفتح لنا نافذة على ذاكرة التاريخ.

-المهندس سعيد أبو العزائم، كلمنا عن دور الإمام أبي العزائم في المعارضة الراشدة ضد الاحتلال الإنجليزي في مصر والسودان؟ 

--أولا شكرًا على الدعوة الكريمة، الإمام أبي العزائم كان شخصية فريدة في تاريخ مصر والسودان،

وقد لعب دورا هاما في مقاومة الاحتلال الإنجليزي.

والإمام كان رجل دين ووطني حقيقي، قاد معارضة راشدة ضد الاحتلال الإنجليزي،

واستخدم وعيه وفكره المستنير ودعوته لوحدة وأدى النيل لحث الناس على المقاومة.

خاصة وأن الاحتلال كان يحاول الوقيعة والفصل بين مصر والسودان.

ومن مظاهر محاولات الاحتلال الانجليزي في الفصل بين مصر والسودان هو إصراره على جعل نظام السكة الحديدية بين مصر والسودان مختلفين في التصميم،

بحيث لا يمكن للقطار الذي يمر في مصر ان يعبر الى السودان وهو اتباع لنظام الاحتلال الإنجليزي في سياسة (فرِّق تسد)،

وهكذا كان السودان تحت الادارة المصرية وكانت مصر تحت الاحتلال الإنجليزي .

-كيف تأثر الإمام أبي العزائم بالاحتلال الإنجليزي لمصر والسودان؟

--الاحتلال الإنجليزي كان له تأثير كبير على حياة الإمام أبي العزائم،

لقد تم إبعاده من السودان الذي كان يعمل به مدرسا، بسبب معارضته للاحتلال،

ولكن ذلك لم يمنعه من الإستمرار في مقاومة الاحتلال في مصر.

فقد كان يذهب الى مسجد الخرطوم الكبير فيلقي دروسا في فقه الدين واللغة،

وكان لحسن إلقائه وفيض علمه يلقى قبولا كبيرا عند أهل السودان فاحبوه وداوموا على حضور دروسه،

ولما كان السودان تحت الاحتلال الإنجليزي فقد كانت دروس الإمام أبى العزائم تحث على مقاومة الاحتلال الإنجليزي ونشر روح الإنتماء الوطني عند أهل السودان،

مما أزعج الاحتلال وقرر الحاكم العام الانجليزي إبعاد الإمام أبى العزائم من السودان،

وعودته لمصر وتم تنفيذ قرار فصل الإمام أبى العزائم من التدريس وإعادته إلى مصر وسط حسرة تلاميذ ومحبيه من أهل السودان،

حتى أن القطار الذى سافر به الامام أبو العزائم كان في كل محط يوجد ممثلو الاحتلال للتأكد من وجود الامام أبى العزائم،

وكذلك كان محبوه وأتباعه يتواجدون لتوديع الامام عند كل محطة يقف بها القطار.

-ما هو موقف الإمام أبي العزائم من فكرة تولي الملك فؤاد الخلافة الإسلامية؟

--الإمام أبي العزائم رفض فكرة تولي الملك فؤاد الخلافة الإسلامية لأن مصر كانت تحت الاحتلال الإنجليزي،

وكان يعتقد أن خليفة المسلمين يجب أن يكون من بلد مستقل غير محتل.

ونشر الإمام أبو العزائم سلسلة من الكتب مثل (الإسلام دين) و(الإسلام نسب) و(الإسلام وطن)

وفي تلك الكتب أكد الامام واجبات المصري المسلم في الذود عن دينه و عن أرضه،

وذلك بالعمل على تحرير مصر كوطن للمصريين، لا يجب ان تكون مقدراته بيد الاحتلال.

وتعرض الامام ابوالعزائم للكثير من التعنت من الاحتلال، بل انه قد تم القبض عليه وايداعه تحت التحفظ بتهمة مقاومة الاحتلال الانجليزي،

واضطرت سلطات الاحتلال الانجليزي الافراج عنه تحت ضغط من المصريين.

-كيف تأثر مؤتمر الخلافة الإسلامية بمكة بموقف الإمام أبي العزائم؟

--موقف الإمام أبي العزائم كان له تأثير كبير على مؤتمر الخلافة الإسلامية بمكة.

خاصة بعد إعلان الملك عبد العزيز بن سعود ملك الجزيرة العربية التي سميت بعد ذلك بالمملكة العربية السعودية،

بالإعلان عن عقد مؤتمر إسلامي بمكة المكرمة لاختيار خليفة للمسلمين،

بعد إلغاء أتاتورك الخلافة العثمانية، وافقت مصر رسميا بطلب تسمية ملك مصر الملك فؤاد خليفة للمسلمين،

وبدأت الحكومة المصرية في الإعداد لجمع التأييد الشعبي المصري.

ولكن الإمام أظهر معارضة حقيقية لفكرة تولي الملك فؤاد الخلافة الإسلامية لأن مصر تحت الاحتلال.

وفوجىء الجميع أن هناك وفدين حضرا المؤتمر وفد يمثل جماعة الخلافة الاسلامية برئاسة الإمام أبى العزائم،

ومعه توقيع الالاف من المصريين ووفد الحكومة المصرية الرسمي

وفي افتتاح المؤتمر تم دعوة الامام ابى العزائم ليقول كلمة الوفد الشعبي،

وطالب باختيار خليفة للمسلمين من بلد ليس محتل، وانهى كلمته، وترك مكانه للوفد المصري الرسمي.

وهنا تظهر حكمة الإمام أبى العزائم، في غلق باب التصارع بين المسلمين،

وهو الموقف الذي يؤكد موقف الإمام من خلال المعارضة الراشدة،

وليست المسيسة أو المعارضة التى تدعو للصراع والتقاتل.

ولكن المعارضة الوطنية التى ترتكز على أحكام الدين والقبول برأى الاغلبية دونما الجنوج الى العنف والعنف المضاد.

وتم الدعوة لمؤتمر آخر في القدس لاختيار خليفة للمسلمين.

-لماذا لم يتم انعقاد المؤتمر التالي في القدس كما كان مقررا؟

--للأسف، لم يتم انعقاد المؤتمر بسبب الدعم الإنجليزي الصهيوني لتأسيس دولة إسرائيل،

كانت إنجلترا وأعداء الإسلام يخططون للمناداة بدولة إسرائيل، وهذا ما حدث بالفعل.

-كيف ترى تأثير وفاة الإمام أبي العزائم عام 1937 على مسار الأحداث في فلسطين؟

--وفاة الإمام أبي العزائم كانت خسارة كبيرة للعالم الإسلامي، لقد كان رجلًا حكيما ووطنيا، وكان له دور هام في مقاومة الاحتلال،

كان يمكن أن يلعب دورا أكبر في الدفاع عن فلسطين لولا وفاته.

-ما هو تعليقك على ضياع فلسطين؟

--ضياع فلسطين هو حدث مؤلم ومأساوي، الدول الإسلامية تبكي حتى الآن على ضياع فلسطين،

ولكن يجب أن نتعلم من التاريخ ونعمل على استعادة حقوقنا المشروعة.

-هل تعتقد أن هناك دروسا يمكن أن نتعلمها من هذه الأحداث؟

--نعم، هناك دروس عديدة، يجب أن نكون مستعدين للدفاع عن حقوقنا ومقدساتنا،

والأهم هو أن نتعلم من أخطاء الماضي ونعمل على بناء مستقبل أفضل.

-ما هي الدروس المستفادة من حياة الإمام أبي العزائم؟

--الدروس المستفادة من حياة الإمام أبي العزائم هي أهمية المقاومة الراشدة والفكر المستنير في مواجهة الاحتلال والظلم،

لقد أظهر لنا أن الدين والوطنية يمكن أن يكونا قوة حقيقية في مقاومة الاحتلال.

 شكرا لك على هذا الحوار الشيّق.

 شكرا لك على الدعوة، وأتمنى أن يكون الحوار قد قدم صورة واضحة عن دور الإمام أبي العزائم في المعارضة الراشدة.