11 ديسمبر 2025

تزداد حدة الجدل داخل الإدارة الأمريكية بشأن إمكانية فرض عقوبات متعلقة بالإرهاب على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، مع دخول المناقشات إلى مراحل متقدمة، وفق ما أكدتة وسائل إعلام. وتثير هذه التحركات المحتملة مخاوف واسعة داخل وزارة الخارجية الأمريكية، في ظل التحذير من تداعيات إنسانية وقانونية قد تكون غير مسبوقة.
وتعد الأونروا إحدى أبرز الأذرع الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، وتعمل في غزة والضفة الغربية ولبنان والأردن وسوريا، مقدّمة خدمات تعليمية وصحية وإغاثية وملاجئ لملايين اللاجئين الفلسطينيين. ويصف مسؤولون في الأمم المتحدة الوكالة بأنها "العمود الفقري" للعمل الإنساني في غزة، التي تعيش كارثة إنسانية مستمرة بفعل الحرب الدائرة منذ عامين بين إسرائيل وحركة "حماس".
ورغم هذه الأهمية، تتهم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الوكالة بوجود ارتباطات مع حركة حماس، وهي ادعاءات تنفيها الأونروا بشدة وتؤكد حياديتها. وكانت واشنطن، أكبر مانح للوكالة، قد أوقفت تمويلها في يناير 2024 بعد اتهامات إسرائيلية طالت عدداً من موظفيها بالمشاركة في هجوم السابع من أكتوبر 2023.
وبحسب مصادر، تبحث الإدارة الأمريكية عدة خيارات للعقوبات، من بينها احتمال تصنيف الأونروا "منظمة إرهابية أجنبية"، وهو أحد أشد التصنيفات التي تفرضها الولايات المتحدة عادة على جماعات متورطة في قتل مدنيين. إلا أن هذا الخيار ما زال موضع خلاف داخلي، لما قد يسببه من شلل لإحدى أكبر المؤسسات الإنسانية العاملة في الشرق الأوسط، ولما قد يترتب عليه من توتر دبلوماسي مع عشرات الدول الممولة للوكالة.
وقال وليام ديري، مدير مكتب الأونروا في واشنطن، إن الوكالة "ستشعر بخيبة أمل كبيرة" إذا ما كانت الإدارة الأمريكية تناقش بالفعل هذا التصنيف، مؤكداً أن الخطوة "غير مسبوقة وغير مبررة". وأضاف أن أربع جهات مستقلة، من بينها مجلس الاستخبارات الوطنية الأمريكي، راجعت حيادية الوكالة خلال العام 2024، وتوصلت إلى أنها مؤسسة إنسانية لا غنى عنها.
وفي المقابل، صرّح مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية بأن "الأونروا منظمة فاسدة ولها سجل مثبت في مساعدة الإرهابيين"، مؤكداً أن جميع الخيارات "مطروحة على الطاولة" من دون اتخاذ قرارات نهائية.
وتكشف المصادر أن الضغط لفرض العقوبات يأتي أساساً من مسؤولين سياسيين عيّنتهم إدارة ترامب، بينما يبدي موظفون مهنيون – ومن بينهم محامون حكوميون – رفضاً واضحاً لهذا التوجه. وتشير المعلومات إلى أن المناقشات تجري بين مكتب مكافحة الإرهاب وفريق تخطيط السياسات، وأن جريجوري لوجيرفو، المرشح لمنصب منسق مكافحة الإرهاب، امتنع مؤقتاً عن المشاركة انتظاراً لتأكيد تعيينه.
ويأتي ذلك في ظل موقف إسرائيلي يدعو منذ سنوات إلى تفكيك الأونروا، إذ تتهمها تل أبيب بالتحريض. وقد منعت إسرائيل، ابتداءً من يناير الماضي، عمل الوكالة في المناطق التي تسيطر عليها، بما في ذلك القدس الشرقية.
وتؤكد الأونروا أن 370 من موظفيها قُتلوا في غزة خلال الحرب، بينما تواصل الأمم المتحدة المطالبة بأدلة من إسرائيل حول الاتهامات الموجهة إلى موظفين محددين، مؤكدة أنها لم تتلق أي وثائق رسمية حتى الآن.