أبحرت سفينة "مادلين" في مطلع يونيو 2025 من ميناء كاتانيا الإيطالي ضمن أسطول الحرية، والذي يعد الدفعة الـ36 ضمن سلسلة محاولات لكسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة منذ 2007 واشتد أثره بعد اندلاع العدوان الإسرائيلي على القطاع في أكتوبر 2023.
09 يونيو 2025
بوابة حياة نيوز - متابعات
أبحرت سفينة "مادلين" في مطلع يونيو 2025 من ميناء كاتانيا الإيطالي ضمن أسطول الحرية، والذي يعد الدفعة الـ36 ضمن سلسلة محاولات لكسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة منذ 2007 واشتد أثره بعد اندلاع العدوان الإسرائيلي على القطاع في أكتوبر 2023.
تُعرف السفينة باسم "مادلين" نسبةً إلى مادلين كُلاب، أول فتاة فلسطينية تدربت رسميًا على مهنة صيد الأسماك، وخسرت والدها ومصدر رزقها عقب الحرب الأخيرة. واستهدفت رسالة طاقم السفينة إيصال الأمل إلى أهل غزة والتأكيد على أنهم "ليسوا وحيدين"، وفق ما أكد النشطاء عبر منشورات وتحليلات مباشرة
بحثًا عن تعزيز التضامن العالمي، حملت السفينة كميات رمزية من المساعدات الإنسانية – تشمل الغذاء، معدات طبية، حليب للأطفال، ومواد لإعادة التأهيل مثل الأطراف الصناعية – كمؤشر رمزي على حجم الحصار الواقع على القطاع .
مضايقات إسرائيلية على المتجه للقطاع
مع اقتراب "مادلين" من سواحل غزة، بدأت أولى علامات التوتر. أكدت اللجنة المكلفة بكسر الحصار أن السفينة تعرّضت لـ"تشويش خطير" على أنظمة الملاحة والاتصالات، إضافة لرش سائل أبيض مجهول اليد من مسيرات إسرائيلية فوقها .
نقلت وسائل أعلام تصريحات الطبيبة الفرنسية بالطاقم، باتيست أندريه، بأن طائرات مسيرة بقيت تحلق فوق السفينة بشكل كثيف لأكثر من ساعات، لكن هذا لم يوقف إرادة الطاقم في الاستمرار، حيث شدد على أن "أنتم لستم وحدكم" كانت رسالتهم إلى غزة .
من جانبها، روت السويدية غريتا ثونبرغ – إحدى أبرز الشخصيات على السفينة – أنها تأمل الوصول إلى ساحل غزة خلال يوم أو يومين. ودعت لاحقًا إلى وقف فوري لإطلاق النار، معربة عن اعتقادها بأن المساعدات الرمزية قد تفضح الصمت العالمي حيال "الإبادة" في غزة .
الاعتراض والاحتجاز – مواجهة مباشرة
في صباح 9 يونيو، دخلت قوات البحرية التابعة لدولة الاحتلال مرحلة الاعتراض العلني. أعلن تحالف أسطول الحرية أن جيش الاحتلال " اختطف " السفينة عبر صعود للقوات على متنها، تلاه انقطاع مفاجئ للاتصال بها . سلطت وسائل الاعلام الضوء على تحليق مكثف لطائرات بدون طيار زاعمة "رش مادة بيضاء مهيجة" على متنها وقامت بعمليات تشويش متقدمة على الإشارات الراديوية .
أعلنت إذاعة جيش الاحتلال أن كوراماندوز البحرية سيطر على السفينة وتم اقتيادها نحو ميناء أسدود. وفي الأثناء، تم اعتقال جميع النشطاء، تمهيدًا للتحقيق مع ركاب السفينة في قاعدة بحرية بالميناء .
نقل التحالف نفسه صورًا نشرتها دولة الاحتلال تُظهر اللحظة التي تقطع فيها صفارات الإنذار على متن السفينة في محاولة تهدئة الوضع وتعريف الناشطين بوجود قوات عسكرية .
تياغو أفيلا، عضو ائتلاف أسطول الحرية: "ها نحن نُطلق صفارات الإنذار من على متن السفينة مادلين... إن ما يحدث الآن ليس سوى جريمة حرب تُرتكب أمام أعين العالم، في عرض البحر، وعلى مرأى الصمت الدولي."
اتهم أسطول الحرية دولة الاحتلال بـ"اختطاف" السفينة وخرق القانون الدولي، وطالب بحماية دبلوماسية لطاقم السفينة من بلدانهم . كما رد نشطاء بأن الاعتراض الإسرائيلي يؤكد أن "الحصار فعّال؛ وأن هذه الإجراءات العنيفة لا تهدف للأمن بل لمنع إيصال أي مساعدات حتى الرمزية منها".
تداعيات دولية ومحلية
ردود الأفعال الدولية لم تتأخر. وشددت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، من خلال المقررة فرانشيسكا ألبانيزي، على أن اعتراض السفينة في المياه الدولية يعد خرقًا للقانون البحري الدولي، معتبرة ما حدث "قرصنة " .
على الساحة الفلسطينية، أثنى البعض على الطاقم واصفين تحركاتهم بأنها تأتي في إطار التضامن العالمي، مرتكزين على أن الخطوة تشبع رغبة حقوقية وسياسية لكسر الحصار الإعلامي والاقتصادي والإنساني .
من ناحيتها، شنت وسائل إعلام دولة الاحتلال هجومًا ذا طابع شعبي، يظهره مقطع فيديو التقطته وسائل محلية ومتداولة على منصات التواصل، ويظهر أطفالًا إسرائيليين يهددون غريتا: "سنأتي للإمساك بكم" متهمين طاقم السفينة بالدعم "للإرهاب" .
السيناريوهات المتوقعة
التحقيق والترحيل: يُتوقع التحقيق مع النشطاء في قاعدة عسكرية داخل أسدود، ثم ترحيلهم إلى بلدانهم، وهي من الإجراءات التقليدية في مثل هذه العمليات.
التوجّه القانوني والدبلوماسي: قد ترفع منظمات دولية دعاوى أمام المحاكم والمحافل الدولية ضد إسرائيل بتهمة انتهاك القانون البحري.
تأجيل المبادرات الإنسانية القادمة: قد يؤدي رد فعل دولة الاحتلال إلى تردّد أو تعديل عدد السفن القادمة لكسر الحصار مستقبلاً.
انقسام عالمي متزايد: النشاط الدولي سيزداد، مع استغلال هذه الحادثة لإبراز المعاناة الإنسانية في غزة، خاصة من منظمات حقوق الإنسان.
تكشف حادثة "مادلين" أكثر من مجرد تصادم عسكري:
أولًا : تجسيد لتقاطع القانون الدولي والحقوقي مع الإجراءات الأمنية والإيديولوجية.
ثانيًا: اختبار لطبيعة التحالفات الدولية حول القضية الفلسطينية بين القوى الغربية والإسرائيلية.
ثالثًا: درس في قوة التضامن الشعبي والحقوقي في إثارة الرأي العام، والخطوات التي تتفرّد بها الشخصيات العالمية مثل غريتا التي أعادت القضية لواجهة الأحداث.
سفينة "مادلين" انطلقت برمزيتها وقيمتها الرمزية كخطوة تضامنية وتعرّضت منذ البداية إلى عمليات تشويش واعتراض.
الاعتراض الرسمي استمر بالتصعيد، حتى وصوله إلى اعتقال النشطاء، مع محاولات إسرائيلية واضحة لتبرير الفعل.
ردود الفعل الدولية والقانونية ستتجه نحو الإجراءات الرسمية، مما يفتح احتمالًا لمزيد من التوعية والدعم.
رد المجتمع المدني والفلسطينيين يلقي بظلال التضامن والإصرار على بقاء إشارة السفينة حية في الذاكرة الشعبية والإعلامية.