04 سبتمتبر 2025
منذ انتصار الثورة الإيرانية عام 1979 وصعود الخميني إلى السلطة، بدأ ما يعرف بالمشروع الشيعي الإيراني في التبلور كأحد أهم المشاريع التوسعية ذات البعد العقائدي والسياسي في المنطقة. هذا المشروع لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة أفكار عقائدية تراكمت عبر سنوات طويلة، تسعى إلى بسط النفوذ الإيراني على الدول العربية والإسلامية، من خلال تصدير الفكر الشيعي وربط هذه الدول بالمرجعية الدينية في مدينة قم، بحيث تصبح تابعة سياسيًا وعقائديًا لإيران.
تستخدم طهران أدوات متعددة لتنفيذ هذا المشروع، أبرزها نشر التشيع في المجتمعات السنية عبر الدعم المالي والإعلامي والسياسي، فضلًا عن استغلال الأزمات الداخلية والاضطرابات السياسية لتعزيز نفوذها. وقد نجحت بالفعل في تحقيق خطوات واسعة في كل من العراق واليمن والبحرين، حيث وجدت البيئة مهيأة للتغلغل نتيجة الانقسامات المذهبية أو ضعف الأنظمة.
وفي المقابل، لا تزال مصر تمثل هدفًا محوريًا لهذا المشروع، نظرًا لمكانتها الدينية والتاريخية والسياسية في العالم العربي والإسلامي. ومع ذلك، فإن محاولات الاختراق الإيراني داخل المجتمع المصري فشلت بشكل متكرر، بفضل وعي الشعب المصري ويقظة الدولة التي أدركت مبكرًا خطورة المشروع الشيعي، وعملت على التصدي له في مختلف المجالات.
ورغم هذه الإخفاقات في الحالة المصرية، فإن الخطر لا يزال قائمًا، خاصة مع محاولات إيران المتكررة لتقديم نفسها كخصم للكيان الصهيوني، في محاولة لاكتساب تعاطف الرأي العام العربي والإسلامي. لكن قراءة متأنية للتاريخ والواقع تكشف أن العداء بين الطرفين ليس سوى واجهة إعلامية، بينما المصالح المشتركة بينهما أكبر بكثير مما يظهر على السطح. فكلاهما يلتقي عند هدف واحد، وهو إضعاف الأمة العربية والإسلامية وتمزيق وحدتها، سواء من خلال الاحتلال العسكري المباشر أو من خلال الاختراق العقائدي والسياسي.
من هنا، يبقى الوعي الشعبي والتثقيف المستمر ضرورة قصوى لكشف زيف هذا المشروع، وإبراز مخاطره على وحدة المجتمعات العربية والإسلامية. كما أن دور الإعلام والنخب الفكرية والسياسية يظل أساسيًا في توعية الجماهير وتحصينها من محاولات الاختراق والتضليل. فالمعركة ليست فقط عسكرية أو سياسية، بل هي بالدرجة الأولى معركة وعي ووجود.