11 سبتمتبر 2025
كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن خلاف غير مسبوق داخل صفوف جيش الاحتلال، بعد إصدار رئيس الأركان إيال زمير أوامر بإخلاء مدينة غزة بالكامل، متجاهلًا تحذيرات قانونية صريحة من المحامية العسكرية العامة اللواء يفعات تومر-يروشالمي، المسؤولة عن تفسير القانون الدولي داخل الجيش. واعتبر مسؤولون عسكريون هذه الخطوة "غير مسبوقة" نظرًا لشدة الخلاف وخطورة تداعياته على الصعيد الدولي.
أوضحت مصادر مطلعة للصحيفة أن تومر-يروشالمي حذرت رئيس الأركان الأسبوع الماضي من أن عمليات الإخلاء المخطط لها قد تكون غير قانونية، وطالبت بتأجيل الإخطارات حتى تتوفر شروط كافية لاستيعاب السكان وفق المعايير الدولية. إلا أن زمير تجاهل هذه التوصيات، وعقد اجتماعًا منفصلًا مع قائد المنطقة الجنوبية ومنسق أعمال الحكومة في الأراضي، واتخذ القرار دون إشراكها.
ذكرت المصادر أن كبار الضباط قدموا "وصفًا غير واقعي" للأوضاع الإنسانية في جنوب القطاع، واعتبر أحد المسؤولين الأمنيين أن الواقع الذي عرض في الاجتماعات "غير موجود ولم يتم اتخاذ أي خطوات عملية".
كما كشفت الحسابات الرسمية لقيادة المنطقة الجنوبية أن المساحة المخصصة لكل شخص في مناطق الإخلاء تصل إلى 7 أمتار مربعة فقط، أقل من المعايير المطلوبة، في حين أن مناطق الإيواء المقترحة مكتظة بالفعل "حتى آخر متر"، بحسب المصادر.
حذرت المصادر من انهيار الخدمات الأساسية في جنوب القطاع، مشيرة إلى أن المستشفيات "على شفا الانهيار" وغير قادرة على استقبال مزيد من المصابين. وأكدت أن نقل نحو مليون شخص إلى مناطق تفتقر للخدمات الطبية قد يؤدي إلى كارثة إنسانية تجذب انتقادات دولية وربما عقوبات من الدول الحليفة لإسرائيل.
كما كشف التحقيق أن الإمدادات الموعودة لإيواء النازحين، والتي تشمل 100 ألف خيمة، لم تصل عمليًا إلا على شكل قطع من "القماش المشمع البسيط"، وليست خيامًا مغلقة.
أشارت تومر-يروشالمي إلى تصاعد الاعتراضات الدولية من منظمات مثل الصليب الأحمر والأمم المتحدة، محذرة أن خطة الإخلاء "لا تلتزم بالقانون الدولي وقوانين الحرب".
ودعمت شعبة الاستخبارات العسكرية موقف المحامية، مؤكدًا وجود "أساس لمزاعم الجهات الدولية" وضرورة تقديم إسرائيل رد مقنع على هذه الاتهامات، في مخالفة للتقييم الذي قدمه كبار الضباط.
رغم التحذيرات، أصدر المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي إخطار الإخلاء لسكان غزة البالغ عددهم 1.2 مليون نسمة، مطالبًا إياهم بالانتقال فورًا إلى "المنطقة الإنسانية في المواصي"، محذرًا من خطورة البقاء.
وأكدت مصادر في النيابة العسكرية أن القرار "لم يحصل على موافقة الاستشارة القانونية"، وأن الدفاع عن قانونيته غير ممكن في الظروف الحالية، بينما اكتفى المتحدث العسكري بالقول إن "الجيش يعمل وفق القانون، وأي ادعاء آخر غير صحيح".