20 ديسمبر 2025

أعلن مسؤولون أمريكيون أن الجيش الأمريكي نفّذ، أمس الجمعة، ضربات عسكرية واسعة النطاق استهدفت عشرات المواقع التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في مناطق متفرقة من سوريا، وذلك ردًا على هجوم دامٍ استهدف قوات أمريكية وأسفر عن مقتل عدد من الجنود خلال الأيام الماضية.
وأوضح المسؤولون أن هذه العملية جاءت في إطار الرد العسكري المباشر على الهجوم الذي وقع مطلع الأسبوع الماضي في مدينة تدمر وسط سوريا، والذي أودى بحياة جنديين أمريكيين ومترجم مدني، إضافة إلى إصابة ثلاثة جنود آخرين بجروح متفاوتة. وأكدت القيادة العسكرية الأمريكية أن المهاجم استهدف قافلة مشتركة للقوات الأمريكية والسورية، قبل أن يتم القضاء عليه في موقع الهجوم.
ووفقًا لمصادر أمريكية مطلعة، فقد استهدفت الضربات أكثر من 70 هدفًا في وسط سوريا، شملت مواقع تمركز مقاتلي تنظيم داعش، والبنية التحتية اللوجستية للتنظيم، إلى جانب مخازن أسلحة ومراكز قيادة. ونُفذت العملية باستخدام طائرات مقاتلة من طراز «إف-15» و«إيه-10»، بالإضافة إلى مروحيات هجومية من طراز «أباتشي»، وراجمات الصواريخ الأمريكية المتطورة سريعة الحركة «هيمارس».
وقال وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيجسيث، إن الضربات تحمل اسم عملية «ضربة عين الصقر»، مشددًا على أن الهدف منها هو توجيه رسالة حازمة للتنظيمات المتطرفة التي تستهدف القوات الأمريكية وحلفاءها في المنطقة. وأضاف هيجسيث: «هذه ليست بداية حرب جديدة، بل إعلان انتقام واضح. لقد قمنا اليوم بمطاردة وقتل أعدائنا، وسنواصل القيام بذلك كلما دعت الحاجة».
من جانبه، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أن الضربات نُفذت «برد شديد للغاية»، مشيرًا إلى أن الحكومة السورية أبدت دعمها الكامل لهذه العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش. واعتبر ترامب أن هذه الضربات تعكس التزام الولايات المتحدة المستمر بمحاربة الإرهاب ومنع عودة التنظيم إلى تهديد الاستقرار الإقليمي والدولي.
وفي السياق ذاته، أصدرت وزارة الخارجية السورية بيانًا أكدت فيه التزام دمشق الثابت بمكافحة تنظيم داعش، ومنع وجود أي ملاذات آمنة له داخل الأراضي السورية. وأشار البيان إلى أن سوريا ستواصل تكثيف عملياتها العسكرية والأمنية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يشكل فيها تهديدًا مباشرًا للأمن الوطني والإقليمي، بالتنسيق مع الشركاء الدوليين.
وذكر الجيش الأمريكي أن عدد القوات الأمريكية المنتشرة حاليًا في سوريا يقدّر بنحو ألف جندي، يعملون ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش، ويشاركون في مهام تدريب ودعم القوات المحلية، إضافة إلى تنفيذ عمليات نوعية ضد خلايا التنظيم النشطة.
من جهتها، أوضحت وزارة الداخلية السورية أن المهاجم الذي نفّذ الهجوم في تدمر هو أحد أفراد قوات الأمن السورية، ويُشتبه في تعاطفه مع تنظيم الدولة الإسلامية، ما يسلط الضوء على التحديات الأمنية المعقدة التي تواجهها السلطات السورية في مرحلة ما بعد الحرب.
وتقود الحكومة السورية الحالية، التي تشكلت بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد العام الماضي عقب حرب أهلية استمرت 13 عامًا، جهودًا لإعادة بسط الأمن والاستقرار في البلاد. وتضم هذه الحكومة فصائل معارضة سابقة، من بينها عناصر انشقّت في وقت سابق عن فرع تنظيم القاعدة في سوريا، ودخلت في مواجهات مباشرة مع تنظيم داعش خلال السنوات الماضية.
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه العلاقات السورية–الأمريكية تقاربًا نسبيًا، خاصة بعد التوصل إلى اتفاق الشهر الماضي خلال زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى البيت الأبيض، حيث جرى التأكيد على أهمية التعاون المشترك في مواجهة التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية.