17 اكتوبر 2025
تابعت عن قرب، وعلى مدار الأيام الماضية، الحملة المكثفة التي يقودها الزميل نادر شكري، الناشط القبطي المعروف، ضد تشكيل القائمة الوطنية للانتخابات البرلمانية المقبلة، وبالأخص ما يتعلق بترشيحات الأقباط ضمن القائمة.
وقد لفت الأنظار هجومه المتكرر على ما اعتبره "تمثيلاً غير متوازن"، على حد وصفه، بسبب غلبة العنصر النسائي من الأقباط ضمن الترشيحات.
لكن التساؤل المشروع الذي يطرح نفسه هنا: ما هو السبب الحقيقي وراء هذا الهجوم المفاجئ وفي هذا التوقيت بالذات؟.
من يتابع المشهد عن قرب يدرك أن وراء الموقف دوافع شخصية أكثر منها موضوعية أو سياسية.
فالهجوم يأتي مباشرة بعد استبعاد أيمن شكري (شقيق نادر شكري) من القائمة الانتخابية الجديدة لعام 2025،
وهذا بعد أن كان أحد المرشحين في انتخابات مجلس النواب لعام 2020 على القائمة ذاتها تقريبًا من حيث التشكيل ونسبة تمثيل الأقباط.
وهنا تظهر المفارقة: لماذا لم يبدِ نادر شكري أي اعتراض أو انتقاد حينها؟!،
الإجابة ببساطة أن شقيقه كان ضمن المرشحين.
المثير في الأمر أن نادر شكري لجأ مؤخرًا إلى إحدى المنصات الإلكترونية ذات التوجه الطائفي ليشنّ منها هجومه على القائمة،
مستخدمًا خطابًا حادًا تحت ذريعة “الدفاع عن حقوق الأقباط”، بينما الحقيقة، أن دوافعه شخصية تتعلق باستبعاد شقيقه وليس بعدد السيدات المرشحات.
وبالعودة إلى انتخابات 2020، فإن ترشيح أيمن شكري على القائمة لم يكن نتيجة كونه شخصية سياسية مؤثرة أو ذات قاعدة جماهيرية،
وإنما جاء، كمكافأة لشقيقه نادر تقديرًا لتعاونه مع أجهزة الدولة في بعض الملفات القبطية الحساسة،
وليس لأنه يتمتع بخبرة تشريعية أو رقابية أو ينتمي لعائلة ذات ثقل سياسي أو تاريخ نيابي معروف.
الأكثر إثارة للجدل أن إدراج أيمن شكري تم على حساب شخصية وطنية كبيرة خدمت مصر بإخلاص وكفاءة،
وهو اللواء أشرف عزيز، أحد أبرز الوجوه القبطية المشهود لها بالنزاهة والعطاء الوطني.
يومها، لم نسمع صوتًا لنادر شكري يعترض أو ينتقد، وهو ما يعزز الانطباع بأن اهتمامه "القباطي" يظهر فقط حين تمس المصالح الشخصية.
لقد جاء استبعاد أيمن شكري هذه المرة لأسباب موضوعية، أبرزها ضعف أدائه النيابي خلال خمس سنوات كاملة داخل البرلمان،
حيث لم يتقدم بأي استجواب أو طلب إحاطة واحد، ولم يُسجل له نشاط يذكر على المستوى الرقابي أو التشريعي.
ومن باب الإنصاف، فإن ما حصل عليه نادر شكري من تقدير رسمي وتعاون مع مؤسسات الدولة لا يمكن إنكاره،
فقد نال هو وعائلته امتيازات عديدة، منها وصول شقيقه إلى البرلمان والتحاق عدد من أفراد الأسرة بمؤسسات شرطية مرموقة،
وهو ما لم يتحقق لعائلات قبطية كبيرة لها حضور وتأثير في الحياة العامة.
ومن ثم، كان الأولى بالناشط نادر شكري، بدلًا من الهجوم على الدولة ومؤسساتها بهذه الطريقة، أن يدفع شقيقه لخوض التجربة الانتخابية على المقعد الفردي، ليختبر مدى جماهيريته الحقيقية في الشارع.
وكان عليه أن ينظر إلى ما يحدث في محافظات الصعيد، حيث تتنافس العائلات القبطية العريقة على مناصب رمزية مثل "عمدة قرية" أو "شيخ بلد"، في ظل قيم التقاليد والعصبية والمنافسة المشروعة بين العائلات الكبيرة.
ختامًا، لا أحد يملك حق مصادرة رأي نادر شكري أو غيره، فالنقد حق مكفول للجميع.
لكن حين يتحول النقد إلى هجوم طائفي مبطن أو وسيلة لتصفية الحسابات الشخصية، يصبح من الضروري التوقف والتساؤل:
هل الهدف هو حقًا تمثيل الأقباط.. أم الدفاع عن مصالح ضيقة في ثوب الطائفية؟.