10 ديسمبر 2025

كشفت مصادر أمريكية وإقليمية، الثلاثاء، عن معطيات جديدة تتعلق بعملية نشر "قوة الاستقرار الدولية" في قطاع غزة، والمقرر تنفيذها في إطار المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الذي وُقّع خلال قمة شرم الشيخ الدولية للسلام في أكتوبر الماضي. وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه الاتفاق ضغوطًا سياسية متزايدة ومحادثات مكثفة بين واشنطن وتل أبيب والعواصم الإقليمية بشأن آليات تطبيق المرحلة المقبلة.
وبحسب ما نقلته صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية عن مسؤول أمريكي رفيع، فإن قوة الاستقرار الدولية ستباشر انتشارها في غزة مطلع عام 2026، على أن تتشكل في بدايتها من أفراد ينتمون إلى دولة واحدة أو اثنتين فقط، مع ترك الباب مفتوحًا أمام انضمام دول أخرى لاحقًا. وأكد المسؤول أن القوة لن تنتشر في المناطق الخاضعة لسيطرة حركة حماس، في إشارة إلى أن نطاق نشاطها سيتركّز في المناطق التي ستنسحب منها القوات الإسرائيلية بموجب الاتفاق.
ورغم رفض المسؤول الإفصاح عن هويات الدول المشاركة، جاءت تصريحاته بعد تقارير إعلامية تركية تحدثت عن استعداد أنقرة لإرسال قوات للمشاركة ضمن هذه القوة. ونقلت تقارير عن مصادر أمنية تركية قولها إن "الأمريكيين يرغبون بشدة في مشاركة تركيا، بينما تعارض إسرائيل هذا المقترح"، مؤكدة أن واشنطن تمارس ضغوطًا كبيرة على تل أبيب لإشراك القوات التركية.
وكانت وكالة "أسوشيتد برس" قد نشرت قبل أيام تقديرات بأن القوات البرية الدولية قد تبدأ نشاطها فعليًا في الربع الأول من عام 2026، رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صرح في نوفمبر الماضي بأنه "غير متأكد" من موعد بدء عمليات القوة الدولية.
كما أكد السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون ضرورة أن تضطلع القوة الدولية بدور أساسي في نزع سلاح حماس، لكنه أقر، في الوقت ذاته، بصعوبة تحديد موعد واضح لبدء عملها. وقال دانون في تصريحاته: "الأهم بالنسبة لإسرائيل هو ضمان قدرة القوة على تحقيق الاستقرار وتجريد حماس من أسلحتها، وهذا هو الهدف المباشر".
ومع تزايد التساؤلات حول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، كشفت صحيفة يسرائيل هيوم عن ضغوط كبيرة مارستها الإدارة الأمريكية على نتنياهو خلال الساعات الأخيرة لدفعه إلى الموافقة على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانتقال إلى المرحلة الثانية. وأوضحت الصحيفة أن واشنطن أبلغت تل أبيب أن المرحلة الأولى من الاتفاق حققت نتائج "تفوق التوقعات"، من حيث عدد المحتجزين الأحياء وجثامين القتلى الذين تم استردادهم.
وبحسب المصادر، يخشى نتنياهو من ردود الفعل الشعبية داخل إسرائيل إذا تم الإعلان عن المرحلة الثانية قبل استعادة آخر جثة إسرائيلية من غزة. وكانت الفصائل الفلسطينية قد أعلنت، الثلاثاء، أنها سلمت آخر جثة محتجز لديها.
وفي المقابل، أوضحت مصادر أمريكية لواشنطن أن الخطة، وفق رؤيتهم، ستضمن نزع سلاح حماس خلال المرحلة التالية، رغم الشكوك الكبيرة التي تبديها إسرائيل في قدرة القوة الدولية على تحقيق ذلك.
من جانبها، أكدت حركة حماس، على لسان القيادي حسام بدران، أن الانتقال إلى المرحلة الثانية مرتبط بـ وقف الخروقات الإسرائيلية بالكامل، داعيًا الوسطاء – ومن ضمنهم الولايات المتحدة – إلى الضغط على إسرائيل لضمان الالتزام بالاتفاق. وأشار بدران إلى أن تنفيذ المرحلة الأولى يتطلب إدخال ما بين 400 و600 شاحنة مساعدات يوميًا وفتح معبر رفح في الاتجاهين.
ورغم تنفيذ عمليات تبادل المحتجزين والأسرى وإطلاق سراح جميع المحتجزين الأحياء، وتسلُّم إسرائيل جثث المحتجزين المتبقين، لا تزال تل أبيب تمنع دخول المساعدات بالكميات المتفق عليها، وسمحت مؤخرًا بفتح معبر رفح باتجاه واحد فقط، وهو ما اعتبرته الفصائل الفلسطينية خرقًا صريحًا للاتفاق.
وفي سياق ميداني متصل، كشفت تقارير إسرائيلية عن تحركات تهدف إلى توسيع المنطقة العازلة داخل قطاع غزة بعمق يصل إلى ثلاثة كيلومترات غرب ما يعرف بـ"الخط الأصفر"، الذي يفصل بين مناطق الوجود الإسرائيلي شرق القطاع والمناطق التي تنشط فيها حماس غربًا. وتشير التقارير إلى قيام الجيش الإسرائيلي بعمليات نسف منازل وتسوية أراضٍ بهدف خلق مجال رؤية وتموضع أكبر قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية.
وفي هذا الإطار، صرح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير بأن الخط الأصفر يمثل "خط حدود جديدًا وخط دفاع متقدمًا"، بينما رجّح نتنياهو أن تكون المرحلة الثانية "أكثر صعوبة"، معربًا عن توقعه الانتقال إليها قريبًا جدًا.