30 سبتمتبر 2025
مع اقتراب حرب غزة من عامها الثاني، طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة تهدف إلى وقف القتال المستمر بين المقاومة الفلسطينية والكيان المحتل ، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والإعلامية. ورغم أن الخطة جاءت لتضع إطاراً لإنهاء الصراع، إلا أن تنفيذها يواجه تحديات معقدة على المستويات السياسية والأمنية والإنسانية.
أول هذه التحديات يتمثل في غياب الثقة بين الأطراف المتصارعة. فالمقاومة الفلسطينية ترى أن أي خطة أمريكية غالباً ما تنحاز بشكل مباشر للكيان المحتل ، ما يجعلها مترددة في القبول أو حتى الدخول في مفاوضات دون ضمانات واضحة. في المقابل، يطالب الكيان المحتل بضمانات أمنية صارمة، تشمل نزع سلاح الفصائل ووقف الهجمات الصاروخية، وهو شرط تعتبره المقاومة مساساً بحقها المشروع في الدفاع عن نفسها.
ثانياً، يبرز التباين بين الفصائل الفلسطينية كأحد أكبر العقبات. فحركة الجهاد الإسلامي أعلنت رفضها المبكر للخطة، بينما تدرس حركة حماس بنودها بحذر وسط مؤشرات قوية تميل نحو الرفض أو المطالبة بتعديلات جوهرية. هذا التباين يجعل من الصعب صياغة موقف فلسطيني موحد، ما يفتح الباب أمام الاحتلال للضغط واستغلال الانقسام الداخلي.
أما التحدي الثالث فهو الموقف الإقليمي والدولي. بعض الدول العربية والإسلامية أبدت تحفظات على الخطة، معتبرة أنها لا تلبي الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، وعلى رأسها إنهاء الاحتلال ورفع الحصار المفروض على غزة. وفي المقابل، تسعى واشنطن للحصول على دعم دولي وعربي يضفي شرعية على الخطة، لكن التوازنات الإقليمية المعقدة تجعل من هذا الدعم أمراً غير مضمون.
إلى جانب ذلك، تقف الأزمة الإنسانية في غزة كعقبة حقيقية أمام أي تسوية. فالقطاع يعيش حالة انهيار شبه كامل في البنية التحتية، مع نقص حاد في الوقود والمواد الغذائية والدواء، إضافة إلى تدمير واسع للمنازل والمرافق الصحية. أي خطة لوقف الحرب من دون معالجة هذه الأوضاع الإنسانية ستفقد جدواها سريعاً، وتؤدي إلى تجدد التوتر والانفجار.
كما لا يمكن تجاهل العامل الشعبي، سواء داخل غزة أو في الشارع العربي والإسلامي. فالجماهير التي دفعت ثمناً باهظاً من الدماء والدمار قد لا تقبل بتسوية تُبقي الاحتلال قائماً أو تؤجل الحقوق الفلسطينية، ما يضع ضغوطاً كبيرة على القيادات السياسية والفصائل لاتخاذ مواقف أكثر تشدداً.
في النهاية، تبدو خطة ترامب أمام شبكة معقدة من التحديات السياسية والأمنية والإنسانية، تجعل من فرص نجاحها محدودة ما لم تترافق مع ضمانات دولية ملزمة، ورؤية عادلة تُنهي الاحتلال وتكفل الحقوق الفلسطينية المشروعة. أما دون ذلك، فإن أي تسوية ستظل مجرد هدنة مؤقتة سرعان ما تنهار تحت وطأة واقع الصراع المستمر.