05 اكتوبر 2025
في ظهيرة السادس من أكتوبر عام 1973، توقف الزمن للحظة، وبدأت ملحمة وطنية كتبها أبناء مصر بدمائهم وإرادتهم الصلبة، فدوّى في الوجود صوت العبور العظيم،
واهتزّت أركان الغطرسة العسكرية التي ظنّها العدو أبدية لا تُكسر.
خلال ست ساعات فقط، أعادت القوات المسلحة المصرية رسم خريطة الكرامة، بعد أن حطّمت أسطورة خط بارليف الذي طالما صوّره العدو كدرعٍ لا يُخترق.
لكن الجنود المصريين، بقلوبهم المؤمنة، وعقيدتهم الراسخة، عبروا قناة السويس،
ودكّوا التحصينات، واقتحموا المستحيل، غير آبهين بقوة تُروّج لنفسها كأنها لا تُهزم.
لم تكن المعركة مجرد مواجهة بالسلاح، بل كانت معركة وعي، وإرادة، وكرامة وطن ظلّ لعشر سنوات يُعدّ ليوم الحساب. سنوات من الاستنزاف،
والتخطيط الدقيق، والإعداد المتقن، تكللت في لحظة قرار سيادي لا يعرف التردد،
ليُعلن الجيش المصري أن الأرض لا تعود بالتصريحات، بل بتضحيات الرجال.
لقد حمل كل جندي في قلبه ثأرًا لوطنه، وحلمًا بالعودة إلى أرضٍ اغتصبها العدو، وكتب بأقدامه ونزف جراحه تاريخًا سيبقى خالدًا ما بقيت مصر.
دماء الشهداء التي روت رمال سيناء ستظل أبدًا الشاهد الأعظم على أن الحرية لا تُوهب، بل تُنتزع.
وإننا اليوم، بعد أكثر من خمسة عقود على ذلك النصر، لا نحيي ذكرى عسكرية فحسب، بل نُجدد عهدًا أبديًا بأن تظل مصر حرة، عزيزة، منيعة.
نحيي أرواح الشهداء التي صعدت إلى السماء وهي تردد "الله أكبر"، ونُعانق أسرهم بكل فخر وامتنان.
لقد أعاد نصر أكتوبر صياغة مفاهيم الصراع، وأثبت أن الكيان الذي يقوم على الاحتلال لا يمكنه الصمود أمام شعب متماسك، وجيش عقائدي،
وقيادة تمتلك شجاعة القرار. لقد فتح النصر باب السلام من موقع القوة، وأثبت أن مصر حين تقرر، تفعل.
المجد لشهدائنا الأبرار،
والعزة لجيشنا العظيم،
والنصر دائمًا لمصر التي لا تنكسر.