29 ديسمبر 2025

قال موقع «تلفزيون سوريا» إن إيران تعمل منذ مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الجاري على إعادة تجميع عناصر وقيادات سابقة من «الفرقة الرابعة» المرتبطة بها، بهدف زعزعة الاستقرار وإطلاق موجة جديدة من العمليات الأمنية داخل الأراضي السورية. ووفقًا لما نقله الموقع عن مصادر أمنية إقليمية، فإن هذه التحركات تتم بإشراف مباشر من «الحرس الثوري» الإيراني، الذي يسعى لاستثمار بقايا نفوذ النظام السابق في إطار استراتيجية إقليمية أوسع.
وأشارت المصادر إلى أن إيران تعتمد في عملية الحشد هذه على شخصيات عسكرية وأمنية بارزة كانت تلعب أدوارًا محورية في منظومة القمع السابقة، من أبرزهم غياث دلة، القائد السابق في الفرقة الرابعة، إلى جانب اللواء كمال حسن، الذي شغل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية، واللواء غسان بلال، أحد أبرز القيادات السابقة في الفرقة الرابعة.
وبحسب المعلومات، فإن «الحرس الثوري» الإيراني احتفظ خلال الأشهر الماضية بعشرات الضباط من الفرقة الرابعة والمخابرات العسكرية داخل معسكرات تابعة له، موزعة على مناطق متعددة، تشمل الحدود العراقية، ومنطقة الهرمل في لبنان، إضافة إلى مناطق شرقي سوريا تخضع لسيطرة تشكيلات مرتبطة بحزب العمال الكردستاني. وتعمل طهران، وفق المصادر، على تسهيل عودة هؤلاء الضباط إلى الداخل السوري، وإعادة التواصل مع العناصر السابقة للنظام، تمهيدًا لإطلاق أنشطة أمنية منظمة.
وفي سياق متصل، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرًا حديثًا اعتمد على مقابلات مع مشاركين في هذه التحركات، إضافة إلى الاطلاع على مراسلات داخلية، كشفت عن نية قيادات سابقة في نظام الأسد العمل على إعادة بسط نفوذها في سوريا، مستغلة حالة الهشاشة الأمنية والانقسامات القائمة، لا سيما في المناطق الساحلية.
وأفادت الصحيفة بوجود معلومات موثوقة تشير إلى أن بعض هذه القيادات تعمل من المنفى على بناء حركة تمرد مسلحة، في حين يدعم أحدها حملة ضغط سياسي (لوبي) في العاصمة الأميركية واشنطن، تُقدّر تكلفتها بملايين الدولارات، في محاولة للتأثير على المواقف الدولية، وتهيئة الظروف للسيطرة على الساحل السوري، الذي يُعد معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها بشار الأسد وعدد كبير من كبار قادة نظامه العسكريين والأمنيين.
وبالعودة إلى تقرير «تلفزيون سوريا»، فإن إيران تسعى من خلال هذه التحركات إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية. ويأتي في مقدمة هذه الأهداف تخفيف الضغط الأميركي المتصاعد عليها في الساحة العراقية، حيث يمارس المبعوث الأميركي إلى بغداد ضغوطًا متزايدة على الفصائل المسلحة المدعومة من إيران، من أجل حل نفسها أو تقليص نفوذها. وترى طهران أن إشعال جبهة توتر جديدة في سوريا قد يشكل عامل تشتيت ومشاغلة لهذه الجهود الأميركية.
كما أشار التقرير إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد تصاعد الضغوط على «حزب الله» اللبناني، سواء عبر مسارات سياسية تتعلق بملف نزع سلاحه، أو من خلال احتمال تعرضه لعمليات عسكرية جديدة، بالتزامن مع مخاوف من هجوم إسرائيلي محتمل يستهدف إيران أو مصالحها في المنطقة. وفي هذا الإطار، فإن إعادة تنشيط فلول نظام الأسد داخل سوريا قد تمنح طهران و«حزب الله» هامش مناورة أوسع، وعدم الاكتفاء بالموقف الدفاعي.
ويرى مراقبون أن هذه التحركات قد تُستخدم أيضًا في تنفيذ عمليات تجسس ورصد استخباراتي، بهدف استباق أي تحركات عسكرية إسرائيلية محتملة داخل سوريا أو ضد أهداف إيرانية، فضلًا عن محاولة إعادة فرض واقع أمني جديد في بعض المناطق الحساسة، ولا سيما الساحل السوري.
وتأتي هذه التطورات في وقت لا تزال فيه سوريا تعاني من تبعات الحرب الطويلة، وسط تحديات سياسية وأمنية واقتصادية معقدة، ما يجعل أي محاولة لإعادة تدوير رموز النظام السابق، بدعم خارجي، عاملًا إضافيًا يهدد فرص الاستقرار، ويزيد من تعقيد المشهد السوري والإقليمي على حد سواء.