21 يوليو 2025
في يوم الاثنين 21 يوليو 2025، جاءت آخر التطورات في قطاع غزة لتُسجل تصعيداً عسكرياً واستنزافاً إنسانياً غير مسبوق، وسط زحف لجيش الاحتلال بري وجوي على مناطق جديدة، وغضب دولي متصاعد. يأتي ذلك خلال الحرب الأشهر الـ21 منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023، حيث بلغت حصيلة الضحايا الفلسطينيين نحو 59,000، غالبيتهم من النساء والأطفال
الزحف العسكري على دير البلح والبوصيلة البالحة
في صباح الإثنين، شنت إسرائيل هجوماً جوياً وبرياً مكثفاً على مدينة دير البلح وسط القطاع، والتي كانت حتى الآن الملاذ الأخير غير المدمر نسبياً. شهدت المنطقة أول عملية دخول لدبابات جيش الاحتلال والمشاة، ترافقها أوامر إخلاء جماعي فُرضت على نحو 80,000 مدني.
الدبابات تقدمت إلى داخل المدينة، مستهدفة ما وصفته دولة الاحتلال بأنه "بنى تحتية لحماس" ومواقع تحتوي رهائن إسرائيليين؛ ما أثار خشية أهالي الأسر المخطوفة على سلامتهم. هذا التصعيد جاء بعد حصار نصف القطاع تقريبا وتحويل 87.8% من أراضي غزة إلى مناطق نزوح أو عسكرية، بما يجعل قرابة 2.1 مليون فلسطيني محصورين داخل 12% فقط من المساحة
حصيلة الضحايا خلال يومين
أعلنت وزارة الصحة في غزة وصول 134 جثة إلى المستشفيات خلال 24 ساعة، ما يرفع إجمالي القتلى إلى 59,029 منذ بدء الهجوم في مايو 2025. بينهم 130 جثة وصلت يوم الأحد، بعد ضربات استهدفت مدن ومخيمات في شمال ووسط وجنوب القطاع .
كما لقي معظم الضحايا مصرعهم أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات: 79 على الأقل قُتلوا على حاجز زكيم في شمال غزة أثناء وصول القوافل الإنسانية ، وذلك بنيران دبابات وقناصة. بينما أعلنت الأمم المتحدة مقتل أكثر من 800 فلسطيني أثناء محاولتهم الوصول إلى الغذاء خلال الشهر الماضي
تفاقم أزمة الحصار والنداء العالمي
انقطاع المياه والكهرباء
أغلق الهجوم الإسرائيلي محطة تحلية المياه الرئيسية في مدينة غزة، مما تسبب بارتفاع معاناة المرضى واللاجئين بسبب "العطش الشديد". كما أدى الحصار إلى توقف محطات توليد الكهرباء نتيجة نفاد الوقود، ما إقعد المستشفيات عن أداء دورها الحيوي، واشتداد أزمة انعدام الطعام والدواء.
ندرة الغذاء ووفاة جراء الجوع
ذكرت الأمم المتحدة وفاة 19 فلسطينيّاً خلال يوم واحد جراء الجوع، بينهم أطفال ومواليد جدد فُقدوا بسبب سوء التغذية والبيئة القاسية. في بعض مناطق القطاع، ارتفعت أسعار المواد الغذائية حتى 40 ضعفاً مقارنةً بفترة ما قبل الحرب، بحسب مراقبين منظمات دولية.
اعتقالات غامضة وأعمال سرية
في حدث نادر، نفذت وحدة سرية لجيش الاحتلال عملية اعتقال استهدفت مروان الحمص، مسؤول عن المستشفيات الميدانية التابعّة للصليب الأحمر في رفح الشمالية. أسفرت العملية عن مقتل صحفي محلي أثناء توثيقه الحادث، وجرح مدنٍ آخر، ولم يُدلِ جيش الاحتلال أو لجنة الصليب الأحمر بأي تعليق رسمي بشأن الحادثة.
الدعوة الدولية لإيقاف الحرب فوراً
وقع 25 بلداً، من بينها عضو الاتحاد الأوروبي بريطانيا وفرنسا، إلى جانب كندا وأستراليا واليابان، بياناً مشتركاً يطالب بإيقاف فوري للأعمال العدائية في غزة والالتزام بالقانون الدولي الإنساني .
البيان أدان "العنف غير المتناسب" بحق المدنيين ونموذج "إطعام بالتنقيط" للمساعدات الذي وصفه بأنه "مؤذي ومُذل"، معرباً عن قلقه العميق إزاء مقتل أكثر من 800 فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات، وداعياً لإطلاق جميع الرهائن فوراً كجزء من وقف إطلاق النار .
الأفق السياسي والدبلوماسي
مؤتمر نيويورك القادم
تحضّر الأمم المتحدة لمؤتمر عالمي سيُعقد في 28–29 يوليو في نيويورك، برعاية دولية غربية وعربية، لاستئناف عملية السلام ودعم حل الدولتين، بحضور محتمل لسنوات من الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين.
موقف قيادة حماس والقدرات الداخلية
مع دخول الصراع يومه الـ654 (21 شهراً ) وامتداده إلى مناطق جديدة، يصعب الفصل بين الأبعاد العسكرية والمدنية. إذ يتوازى وابل من الضربات مع أزمة إنسانية استثنائية، وتزايد استياء دولي شديد تجاه ما يصفه مراقبون بأنه "سلوك يتعدى القانون الدولي". كذلك تقف حماس في مواجهة تحديات داخلية قلبية، في وقت ترتسم فيه صورة مسار قد يبدأ من الاجتماعات الدولية المقبلة.
يبقى العامل الحاسم شعوبياً: إذا سقط عدد جديد من المدنيين تحت أنقاض مستشفيات أو في الجوع والعطش، فإن الضغط العالمي سيشتد بعيداً عن أطراف النزاع. أما إن واصلت الحملة الصهيونية، فربما نكون على مشارف منعطف يهدد المنطقة بأسرها، وربما بدورة عنف لا نهاية لها.