03 اكتوبر 2025
أول تعليق أمريكي بعد اعتراض إسرائيل لـ"أسطول الصمود" أثار جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، نظرًا لحساسية الموقف وتداخل المصالح. فقد أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، الخميس، بيانًا تدين فيه بشكل مباشر "أسطول الصمود" الذي أبحر بهدف كسر الحصار المفروض على قطاع غزة وإيصال مساعدات إنسانية إلى السكان المحاصرين هناك. الوزارة وصفت التحرك بأنه "استفزاز مُتعمد وغير ضروري"، في إشارة واضحة إلى وقوفها إلى جانب الرواية الإسرائيلية التي تعتبر مثل هذه المحاولات تهديدًا لأمنها القومي، رغم البعد الإنساني المعلن من قبل منظمي الأسطول.
الجيش الإسرائيلي كان قد اعترض عشرات القوارب المشاركة في هذه الحملة البحرية، والتي حملت على متنها نشطاء من جنسيات متعددة، بينهم مواطنون أمريكيون. هذا التطور وضع الإدارة الأمريكية أمام موقف حرج، إذ أبدت الخارجية اهتمامها بسلامة رعاياها، مؤكدة أنها "تأخذ التزامها بمساعدة المواطنين الأمريكيين على محمل الجد، وتراقب الوضع عن كثب"، لكنها في الوقت نفسه لم توجه أي انتقاد مباشر لإسرائيل، بل اكتفت بالإشارة إلى متابعة الملف.
المسؤول في الخارجية الأمريكية شدد على أن أولويات واشنطن الحالية تتمثل في "المضي قدمًا في خطة الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب"، معتبرًا أن الخطة التي طرحها البيت الأبيض لاقت "ترحيبًا واسعًا" وتمثل "فرصة تاريخية لتحقيق سلام دائم". هذه التصريحات توضح أن الموقف الأمريكي الرسمي يتجاوز الحدث بحد ذاته، ويندرج في إطار رؤية شاملة تدعم السياسة الإسرائيلية في المنطقة، وتربط أي جهود إنسانية أو سياسية بخطة الإدارة الأمريكية.
هذا الموقف أثار انتقادات من قبل منظمات حقوقية وأوساط داعمة للقضية الفلسطينية، حيث اعتبرت أن واشنطن تجاهلت البعد الإنساني للأزمة في غزة، وبدلاً من ذلك، اختارت مهاجمة المبادرات الشعبية التي تسعى إلى تخفيف معاناة المدنيين المحاصرين. ويرى مراقبون أن هذا التصريح يعكس استمرار الانحياز الأمريكي التقليدي لإسرائيل، مع محاولة الحفاظ على صورة المسؤولية تجاه المواطنين الأمريكيين الذين شاركوا في الأسطول.
بذلك يمكن القول إن أول تعليق أمريكي على حادثة "أسطول الصمود" لم يأتِ في سياق تهدئة أو دعم للحل الإنساني، بل انطلق من زاوية سياسية أوسع ترتبط بملف التسوية الكبرى التي تسعى إليها إدارة ترامب. ومن المرجح أن يفتح هذا الموقف الباب أمام مزيد من الجدل بشأن دور واشنطن في الشرق الأوسط، بين من يرى أنها وسيط غير نزيه، ومن يعتقد أنها اللاعب الأكثر قدرة على فرض تسوية إقليمية شاملة.