25 ديسمبر 2025

تتجه منطقة الكاريبي نحو مزيد من التصعيد، في ظل تكثيف الولايات المتحدة حشودها العسكرية وتشديدها الضغوط الاقتصادية على حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، عبر خنق صادرات النفط التي تمثل شريان الحياة الرئيسي للاقتصاد الفنزويلي، وسط اعتراضات وتحذيرات دولية من روسيا والصين، اعتبرت هذه الخطوات انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي.
وأفادت بيانات تتبع الرحلات الجوية بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب دفعت خلال الأيام الماضية بمزيد من طائرات النقل والشحن العسكري إلى المنطقة، في خطوة تعكس تصعيدًا لافتًا في الاستعدادات العسكرية. ونفذت طائرات شحن ثقيلة من طراز «سي-17»، المخصصة لنقل القوات والمعدات العسكرية، ما لا يقل عن 16 رحلة جوية إلى بورتوريكو خلال أسبوع واحد، انطلقت من قواعد عسكرية أميركية في ولايات نيو مكسيكو، وإيلينوي، وفيرمونت، وفلوريدا، وأريزونا، ويوتاه، وواشنطن، إضافة إلى اليابان.
ويرجّح مراقبون أن يكون العدد الحقيقي للرحلات أكبر من ذلك، إذ إن عددًا من الرحلات العسكرية لا يظهر على مواقع تتبع الطيران. وفي المقابل، امتنع مسؤولو وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن الإدلاء بأي تعليقات حول طبيعة هذه التحركات أو حجم القوات والمعدات التي جرى نقلها.
وأعلنت القيادة الوسطى الأميركية أن نحو 15 ألف جندي أميركي ينتشرون حاليًا في منطقة الكاريبي، في واحدة من أكبر عمليات الانتشار البحري للولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة. ووصف الرئيس ترمب هذا الانتشار بأنه «أسطول ضخم»، مشيرًا إلى أنه يخطط لعملية برية في فنزويلا «قريبًا»، فيما كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن واشنطن نقلت مؤخرًا طائرات عمليات خاصة إلى المنطقة.
ضغوط نفطية خانقة
بالتوازي مع التصعيد العسكري، كثّفت الولايات المتحدة حملتها ضد ناقلات النفط الفنزويلية، ما أدى إلى اضطراب واسع في قطاع الطاقة داخل البلاد. وأظهرت بيانات الشحن ازدحام موانئ فنزويلا بناقلات النفط، في ظل مخاوف من إبحارها في المياه الدولية خشية مصادرتها من قبل الولايات المتحدة، كما حدث مع ناقلتين جرى احتجازهما مؤخرًا بزعم انتهاك العقوبات الأميركية.
وأفادت مصادر في قطاع الشحن بأن عددًا من الناقلات المتجهة إلى فنزويلا اضطر إلى العودة من منتصف الطريق، فيما ألغت شركات شحن عقود تحميل النفط الخام، الأمر الذي شلّ عمليًا صادرات النفط الفنزويلي، وفقًا لمصادر محلية وبيانات ملاحية.
وفي محاولة للرد، أقرّ البرلمان الفنزويلي قانونًا يجرّم الأنشطة التي تعيق الملاحة والتجارة، بما في ذلك احتجاز ناقلات النفط. كما بدأت زوارق حربية فنزويلية بمرافقة السفن النفطية داخل المياه الإقليمية، فيما تدرس الحكومة اتخاذ إجراءات إضافية، من بينها نشر جنود مسلحين على متن ناقلات متجهة إلى الصين، المستورد الأكبر للنفط الفنزويلي، وهي خطوة قد تزيد من احتمالات الاحتكاك العسكري مع القوات الأميركية.
مواجهة في مجلس الأمن
وعلى الصعيد الدولي، انعكس التصعيد في جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، حيث أكد المندوب الأميركي الدائم لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، أن ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات تمثل «شريان الحياة الاقتصادي الرئيسي لمادورو ونظامه غير الشرعي»، معتبرًا أن عائدات النفط تمكّنه من الاستمرار في الحكم وتمويل أنشطة غير قانونية.
في المقابل، اتهم المندوب الفنزويلي لدى الأمم المتحدة، صامويل مونكادا، الولايات المتحدة بالتصرف خارج إطار القانون الدولي، واعتبر ما يجري «حصارًا بحريًا فعليًا» يهدف إلى إضعاف فنزويلا اقتصاديًا وعسكريًا وإثارة الفوضى الداخلية.
من جهته، وصف المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا الإجراءات الأميركية بأنها «عمل عدواني صارخ» يتعارض مع أبسط قواعد القانون الدولي، فيما أكدت الصين، على لسان مندوبها سون لي، معارضتها «لكل أشكال الترهيب»، ودعمها لحق الدول في الدفاع عن سيادتها وكرامتها الوطنية.
ومع استمرار الحشود العسكرية وتشديد العقوبات، تبقى منطقة الكاريبي مرشحة لمزيد من التوتر، وسط مخاوف دولية من انزلاق الأزمة إلى مواجهة مفتوحة قد تتجاوز حدود فنزويلا.