25 ديسمبر 2025

دعت ألمانيا، اليوم الخميس، إلى تكثيف وتوحيد الجهود الدولية من أجل إنهاء الصراع الدامي في السودان، واصفة ما يشهده البلد الأفريقي منذ أكثر من عام ونصف بأنه «أسوأ أزمة إنسانية في العالم»، في ظل استمرار المعارك وتدهور الأوضاع المعيشية لملايين المدنيين.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن وزيرة التنمية الألمانية، ريم العبلي رادوفان، تحذيرها من خطورة تجاهل ما يحدث في السودان، مؤكدة أن المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والسياسية تجاه الشعب السوداني، الذي يدفع ثمن صراع دموي مستمر منذ أبريل 2023.
وقالت رادوفان إن «التقارير والصور التي تصلنا من السودان مقلقة ومفزعة للغاية»، مشيرة إلى أن حجم المعاناة الإنسانية يفوق الوصف، في ظل النزوح الجماعي، وانهيار الخدمات الأساسية، وتفاقم نقص الغذاء والدواء. وأضافت أن الحل السياسي الشامل أصبح ضرورة ملحّة، مؤكدة أن البداية الحقيقية لأي مسار سياسي يجب أن تكون عبر وقف إطلاق نار مستقر ومستدام.
وشددت الوزيرة الألمانية على أن وقف القتال لن يتحقق تلقائيًا، قائلة: «هذا لن يحدث من تلقاء نفسه في هذه الحرب الأهلية المروعة، بل يتطلب دعمًا فوريًا وأكبر من المجتمع الدولي، وضغطًا حقيقيًا على أطراف الصراع للجلوس إلى طاولة المفاوضات». وأكدت أن استمرار الصمت أو الاكتفاء ببيانات الإدانة لن يغير من واقع المأساة شيئًا.
وأشادت رادوفان بالدول المجاورة للسودان، التي استقبلت ملايين اللاجئين الفارين من ويلات الحرب، معتبرة أن هذه الدول تتحمل عبئًا إنسانيًا واقتصاديًا هائلًا يفوق قدراتها. إلا أنها شددت في الوقت ذاته على أن المساعدات الإنسانية وحدها غير كافية، وأن الأزمة تتطلب حلًا سياسيًا جذريًا يعيد الاستقرار إلى البلاد ويوقف نزيف الدم.
ويشهد السودان منذ أبريل 2023 حربًا طاحنة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، أدت إلى انهيار مؤسسات الدولة، وتعطيل العملية السياسية، وتدمير البنية التحتية في عدد من المدن الرئيسية، وعلى رأسها العاصمة الخرطوم ومدينة دارفور. وقد وصفت الأمم المتحدة هذا النزاع بأنه أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم حاليًا.
ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، نزح نحو 12 مليون شخص داخل السودان وخارجه منذ اندلاع القتال، في واحدة من أكبر موجات النزوح القسري في العصر الحديث. كما يواجه ما يقرب من نصف سكان البلاد خطر الجوع الحاد، وسط تحذيرات متكررة من مجاعة وشيكة في عدد من المناطق، خاصة في إقليم دارفور ومناطق كردفان.
وتعاني المنظمات الإنسانية من صعوبات كبيرة في إيصال المساعدات إلى المتضررين، بسبب انعدام الأمن، وتكرار الهجمات على القوافل الإغاثية، فضلًا عن القيود المفروضة على الحركة. كما أدى تدمير المستشفيات والمراكز الصحية إلى حرمان ملايين السودانيين من الرعاية الطبية الأساسية.
وفي هذا السياق، أكدت وزيرة التنمية الألمانية أن بلادها ستواصل دعم الجهود الإنسانية والدبلوماسية الرامية إلى إنهاء الصراع، داعية الشركاء الدوليين، لا سيما الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، إلى زيادة التمويل المخصص للمساعدات، وتعزيز المساعي السياسية للوصول إلى تسوية سلمية.
ويرى مراقبون أن الموقف الألماني يعكس قلقًا أوروبيًا متزايدًا من تداعيات الأزمة السودانية، سواء على مستوى الاستقرار الإقليمي أو من حيث تدفقات اللاجئين، فضلًا عن المخاطر الإنسانية التي باتت تهدد ملايين الأبرياء. ويؤكد خبراء أن أي تأخير في التوصل إلى حل سياسي سيؤدي إلى تفاقم الكارثة، ويجعل إعادة إعمار السودان أكثر تعقيدًا وتكلفة في المستقبل.
وتختتم الدعوة الألمانية بتأكيد واضح على أن السودان لا يجب أن يُنسى في خضم الأزمات العالمية المتلاحقة، وأن إنقاذه من الانهيار الكامل يتطلب إرادة دولية جادة، وتحركًا عاجلًا يضع حدًا للحرب، ويفتح الباب أمام السلام والاستقرار.