26 ديسمبر 2025

حذّرت جامعة الدول العربية من خطورة التصعيد الجاري في محافظتي حضرموت والمهرة، مؤكدة أن التطورات الأخيرة تنذر بمزيد من التعقيد للأزمة اليمنية الممتدة منذ سنوات، وتهدد بشكل مباشر وحدة البلاد وسلامة أراضيها، في وقت يعاني فيه الشعب اليمني أوضاعًا إنسانية واقتصادية هي الأسوأ في تاريخه الحديث.
ودعا أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، جميع الأطراف اليمنية إلى تجنب التصعيد، وتغليب المصلحة الوطنية العليا، والتمسك بوحدة اليمن وسيادته، مشددًا على أن أي خطوات أحادية أو محاولات لفرض أمر واقع جديد من شأنها تعميق الانقسامات وإطالة أمد الصراع، بدلًا من الدفع نحو حل سياسي شامل ومستدام.
وأكد أبو الغيط، في تصريحات رسمية، أن ما تشهده محافظتا حضرموت والمهرة من تطورات ميدانية وسياسية يزيد من تعقيد المشهد اليمني الهش، ويضر بمبدأ وحدة التراب الوطني، الذي يمثل أحد الثوابت الأساسية للموقف العربي تجاه الأزمة اليمنية. وأضاف أن الحفاظ على وحدة اليمن ليس فقط مطلبًا سياسيًا، بل ضرورة لضمان الاستقرار الإقليمي ومنع انزلاق البلاد نحو مزيد من التفكك والفوضى.
وجدد الأمين العام للجامعة العربية التذكير بالموقف العربي الموحد الداعم لليمن، والقائم على الالتزام بوحدته وسيادته وأمنه وسلامة أراضيه، ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية، إلى جانب استمرار دعم الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة مجلس القيادة الرئاسي، باعتبارها الإطار السياسي المعترف به عربيًا ودوليًا لإدارة المرحلة الانتقالية وقيادة جهود السلام.
من جانبه، قال جمال رشدي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن أبو الغيط شدد خلال اتصالاته ومتابعته للأوضاع على ضرورة خفض التصعيد، داعيًا الأطراف اليمنية كافة، ولا سيّما المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى ضبط النفس وعدم اتخاذ خطوات من شأنها المساس بوحدة البلاد أو تهديد النسيج الوطني اليمني.
وأوضح رشدي أن الأمين العام حذر من أن استمرار التوتر في محافظات الجنوب، خاصة في حضرموت والمهرة، سيؤدي إلى تداعيات سلبية خطيرة على حياة المواطنين، وسيزيد من معاناتهم الإنسانية، في وقت يحتاج فيه اليمنيون إلى التهدئة وإعادة توجيه الجهود نحو تحسين الأوضاع المعيشية والخدمية، بدلًا من الانخراط في صراعات جديدة.
وأشار المتحدث باسم الجامعة العربية إلى أن قضية الجنوب، بما تحمله من أبعاد تاريخية واجتماعية وسياسية، تمثل ملفًا معقدًا لا يمكن التعامل معه عبر حلول جزئية أو إجراءات أحادية، مؤكدًا أن معالجتها يجب أن تتم في إطار حوار سياسي شامل يضم جميع الأطراف اليمنية، ويهدف إلى الوصول إلى تسوية عادلة ومستدامة تعالج جذور الأزمة وأسبابها الحقيقية.
وأكد رشدي أن أبو الغيط شدد على أن الحلول المفروضة بالقوة أو محاولات فرض الأمر الواقع لن تقود إلى الاستقرار، بل ستفتح الباب أمام مزيد من الانقسامات والصراعات، ما يهدد بتفكيك الدولة اليمنية وإضعاف مؤسساتها، ويجعل من الصعب إعادة بناء البلاد في مرحلة ما بعد الصراع.
وتأتي تحذيرات الجامعة العربية في وقت تشهد فيه الساحة اليمنية تحركات سياسية وأمنية متسارعة، وسط مخاوف إقليمية ودولية من أن يؤدي التصعيد في الجنوب إلى نسف الجهود المبذولة لإحياء مسار السلام، الذي ترعاه الأمم المتحدة بدعم إقليمي ودولي، خاصة في ظل هشاشة الهدنة وتراجع فرص التوصل إلى تسوية شاملة.
وشددت الجامعة العربية على أهمية دعم المسار السياسي الشامل، باعتباره الخيار الوحيد القادر على إنهاء الصراع اليمني، والحفاظ على وحدة البلاد، وضمان مشاركة جميع القوى اليمنية في صياغة مستقبل دولتهم على أسس توافقية، بعيدًا عن العنف والسلاح.
واختتم أبو الغيط دعوته بالتأكيد على أن الشعب اليمني، الذي دفع ثمن الصراع من أمنه واستقراره ومعيشته، يستحق من جميع أطراف الأزمة تقديم التنازلات اللازمة، وتغليب لغة الحوار والعقل، حفاظًا على وحدة اليمن، وصونًا لمستقبله، ومنعًا لانزلاقه نحو مزيد من الفوضى والانقسام.