26 يونيو 2025
حين تُذكَر ثورات الشعوب في العصر الحديث، تبقى ثورة 30 يونيو 2013 في مصر نموذجًا استثنائيًّا لإرادة أمةٍ قررت أن تُنقذ مستقبلها بوعي جماهيري نادر، وتُعيد تصحيح مسار وطن كاد أن يُختطف على يد جماعة وضعت مصالحها فوق الدولة، وسعت لتحويل البلاد إلى منصة أيديولوجية لا تعرف من الديمقراطية إلا اسمها.
مع قرب ذكراها ، خرج أكثر من 30 مليون مصري في واحدة من أكبر المظاهرات الشعبية في التاريخ، ليقولوا "لا" لهيمنة جماعة الإخوان المسلمين على مفاصل الدولة، و"نعم" لوطنٍ يعبر بالجميع، لا يُختزل في فصيل.
الجيش والشعب.. يدٌ واحدة أنقذت البلاد من السقوط
لعب الجيش المصري، بقيادة الفريق أول آنذاك عبد الفتاح السيسي، دورًا محوريًّا في الانحياز إلى إرادة الشعب، ورفض المخطط الذي كان يُدار من وراء الستار لإعادة صياغة الدولة المصرية وفق مصالح جماعةٍ بعينها، على حساب هوية مصر الوطنية والحضارية.
لم يكن تدخل الجيش نزوة سياسية، بل كان استجابة لصرخة ملايين المواطنين الذين شعروا بالخطر الحقيقي على حاضرهم ومستقبلهم. وبدلًا من الانزلاق في فوضى أهلية كما حدث في دول أخرى، تحركت الدولة المصرية في خارطة طريق واضحة، أعادت بناء المؤسسات، وكتابة دستور جديد، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
الإرهاب.. الثمن المدفوع لحماية الدولة
لم تكن المعركة بعد 30 يونيو سهلة، فقد فتحت الجماعات المتطرفة خزائن العنف والدم، وحاولت الانتقام من الشعب والمؤسسات.
واجهت مصر واحدة من أخطر موجات الإرهاب في تاريخها الحديث، خاصة في سيناء ومدن القناة، وكانت المعركة دامية.
الجيش والشرطة المصرية قدّموا آلاف الشهداء من أجل أن تظل الدولة قائمة، ومن أجل أن ينعم المواطن المصري بالأمن.
إنّ كل قطرة دم سالت، كانت ثمنًا لحماية قرار الشعب في 30 يونيو، وثمنًا لبقاء الدولة صامدة في وجه محاولات التفكيك والانهيار.
الرئيس السيسي.. قائد مرحلة الإنقاذ والبناء
منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي المسؤولية، بدأت مصر مرحلة غير مسبوقة من إعادة بناء الدولة، سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا.
فلم يكتفِ الرئيس بإنقاذ البلاد من مخطط الفوضى، بل أطلق ثورة تنموية شاملة، أعادت تعريف مفهوم الدولة المصرية الحديثة.
من شبكة طرق عملاقة تُعد من الأكبر في الشرق الأوسط، إلى مدن جديدة ذكية، وبنية تحتية متطورة، ومشاريع قومية في الطاقة والزراعة والصناعة، أصبحت مصر ورشة عمل لا تتوقف.
كما استطاعت مصر، تحت قيادته، أن تستعيد دورها الإقليمي والدولي، وتحولت من دولة تُهددها الاضطرابات إلى دولة يُحسب لها الحساب في ملفات الأمن والسلام، والتعاون الاقتصادي.
التصحيح السياسي والاقتصادي.. بين التحدي والإنجاز
لم يكن الإصلاح الاقتصادي سهلًا، لكنه كان ضروريًا.
واجهت القيادة المصرية التحديات بشجاعة، وبدأت برنامجًا طموحًا للإصلاحات الاقتصادية، بالتعاون مع مؤسسات دولية، ما ساهم في تحسين مؤشرات النمو، وجذب الاستثمارات، وخلق فرص عمل حقيقية.
أما على المستوى السياسي، فشهدت مصر انتخابات حرة، ودستورًا يضمن التوازن بين السلطات، ويؤسس لدولة قانون حديثة، تحترم المواطنة وتعمل على دمج الشباب وتمكين المرأة.
الخاتمه ثورة لا تزال تبني المستقبل
في الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو، لم تعد مصر فقط دولة نجت من الاختطاف، بل أصبحت دولة تُعيد تشكيل نفسها على أسس حديثة، وتخوض معارك التنمية والبقاء بكل قوة.
لقد كانت 30 يونيو ثورة شعب، لكنها أيضًا كانت بداية لمرحلة من الاستقرار والبناء والإرادة السياسية الصلبة، تقودها قيادة وطنية مؤمنة أن هذا الشعب يستح
ق أن يعيش في دولة قوية، مستقرة، وآمنة.