28 يونيو 2025
منذ أكثر من شهرين، أطلقت صرخة تحذير في مقال بعنوان: "الإقليمي… طريق الموت"، ووصفت فيه هذا الشريان الأسود الممتد كفخٍ قاتل، لا يرحم من يمر عليه.
لكن كما هي العادة، لم يسمع أحد، أو ربما سمعوا واكتفوا بهز الرؤوس في صمت بارد!.
لا حياة لمن تنادي، والنتيجة: مأساة جديدة تضاف إلى سجل الإهمال المزمن.
بالأمس، ودّعت مصر قرابة 19 زهرة من فتيات إحدى المدارس، خرجن في رحلةٍ يفترض أن تنثر البهجة،
فعادت أجسادهن صامتة ملفوفة في الكفن، على نفس الطريق الذي حذّرنا منه، وعلى نفس الأسفلت الذي يشرب دماءنا كل يوم بلا حساب ولا عقاب.
من المسؤول؟
السؤال تافهٌ بقدر ما هو موجع، لأن الإجابة باتت محفوظة: المسؤول مجهول، والحوادث قضاء وقدر، والموتى مجرد أرقام تُدوَّن على الهامش.
لكن الحقيقة أن هذا الطريق – بمطباته المفاجئة، وسرعاته المجنونة، وانعدام الرقابة عليه – ليس قضاءً وقدرًا،
بل نتيجة واضحة لإهمال متراكم، وغياب ضمير، وافتقاد الحد الأدنى من المسؤولية.
هل سيتغير شيء؟
ربما تُرص الأرصفة، وتُزرع كاميرات مراقبة، وتُطلق تصريحات نارية عن "محاسبة المقصرين"… ثم نعود من جديد لنبكي ضحايا آخرين.
أما الآن، فلا نملك إلا أن نقرأ الفاتحة على أرواح بناتنا، ونتساءل: من التالية؟.
وإلى أن يفيق هذا الوطن من غفوته…
سيظل "الإقليمي" طريقًا إلى الآخرة، لا إلى الوجهات!.