04 يوليو 2025
في العاشر من شهر محرم سنة 61 هـ، وقعت واحدة من أبشع المآسي في التاريخ الإسلامي، معركة كربلاء، التي استشهد فيها حفيد رسول الله ﷺ، الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، مع ثلة من أهل بيته وأصحابه، على يد جيش الدولة الأموية بقيادة عبيد الله بن زياد والي الكوفة، وجيشه الذي أرسله بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص.
خلفية تاريخية: كيف بدأ الخلاف؟
بعد وفاة الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه سنة 40 هـ، تولى ابنه الحسن بن علي الخلافة في الكوفة، ثم تنازل عنها طواعية إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سنة 41 هـ، فيما عُرف بـعام الجماعة، حقنًا لدماء المسلمين. وقد قال الحسن رضي الله عنه آنذاك كما في البداية والنهاية لابن كثير:
"أرى أن أطفئ نار الفتنة، وأن أوحّد الكلمة، فبايعت معاوية على أن تكون له الخلافة ما دام حيًا، فإذا مات عاد الأمر شورى بين المسلمين".
توفي معاوية سنة 60 هـ، وأوصى بالخلافة لابنه يزيد بن معاوية، وهو ما لم يكن متفقًا عليه من قبل عامة الصحابة، خصوصًا أن يزيد كان شابًا له سلوكيات تُعد موضع نقد من قِبل بعض كبار الصحابة، كما رُوي في تاريخ الطبري.
رفض الحسين مبايعة يزيد، مستندًا إلى أن الخلافة لا ينبغي أن تُورّث، وأن بيعة الناس يجب أن تكون حرة. وقد وصله عدد كبير من الرسائل من أهل الكوفة يعرضون عليه القدوم ليتولّى الخلافة منهم. فاستشار أهل بيته وأصدقاءه، فخرج من مكة في محرم سنة 61 هـ متجهًا نحو العراق.
رحلة الحسين نحو الكوفة
أرسل الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل إلى الكوفة ليستطلع الوضع، فاستقبله الناس بحفاوة، وبايعه الآلاف، فبعث الحسين برسالة يخبرهم فيها أنه قادم.
لكن الأوضاع انقلبت فجأة. حين علم عبيد الله بن زياد بوصول مسلم، قبض عليه وقتله، وبدأ في التنكيل بالأنصار. وعندما اقترب الحسين من الكوفة، وجد أن أنصاره قد تراجعوا أو قتلوا.
رُوي في سير أعلام النبلاء للذهبي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال للحسين:
"يا ابن عم، بلغني أنك تريد العراق، وأنهم قد كتبوا إليك، فلا تأتهم، فإني أخشى أن يُغدر بك كما غُدر بأخيك مسلم".
لكن الحسين رضي الله عنه قال: "إني لا أذهب بطرا ولا أشرا، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي".
اللقاء في كربلاء
اعترض جيش عمر بن سعد طريق الحسين عند كربلاء، وفرض عليه الحصار هو وأهله ومن معه، ومنعوا عنهم الماء، حتى الأطفال.
عرض عليهم الحسين عدة حلول لتفادي القتال، كما جاء في روايات الطبري وابن كثير:
لكن ابن زياد رفض هذه الاقتراحات وأصر على أن يبايع الحسين ليزيد أو يُقتل.
المعركة واستشهاد الحسين
في العاشر من محرم، دارت المعركة بين قلة قليلة من أنصار الحسين لا يتجاوزون السبعين رجلاً، وبين جيش يزيد الذي قُدّر بالآلاف. ورغم الفارق العددي، قاتل الحسين وأهله ببسالة حتى قُتل جميع رجاله، واحدًا تلو الآخر.
ققال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء:
"فقتل الحسين يوم عاشوراء، وقتله مُصيبة عظيمة، وهو سيد شباب أهل الجنة، ومن أحب أهل الأرض إلى رسول الله ﷺ".
وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( ج4/ص512:)
"الحسين قُتل مظلومًا شهيدًا، وقتله من أعظم المصائب التي أصيب بها المسلمون".