04 يونيو 2024
لا شك أن الظاهرة التي انتشرت خلال السنوات الأخيرة،
وأثرت سلبًا في التعليم والأسرة المصرية تعد كارثة بكل المقاييس. تلك الظاهرة المتمثلة في ظهور نماذج وصفوا أنفسهم بالخبراء لمجرد أن لديهم صفحة تفاعلية على فيس بوك، أو جروب عليه عدد من أولياء الأمور، وأيًّا كانت وظيفتهم الأصلية، سواء دكتور جامعي أو معلم أو كان بدون وظيفة.
إن الدافع الرئيسي وراء حديثهم عن التعليم ومشكلاته وتقديم أي نصائح في أي مجال، ارتبط الأمر عند غالبيتهم بالشهرة، والبحث عن الوجود بأي شكل، وهم لا يجيدون الكتابة بشكل صحيح.
ربما هذا الأمر له أبعاد أخرى بمشكلات ارتبطت بجوانب هذه الشخصية أو تعويض إخفاق في حياتهم العملية أو الأسرية، ولكن للأسف انتشار مثل هذه النماذج التي لا تؤدي دورًا من أجل المصلحة العامة، أو حتى على الأقل مصلحة مجموعة محيطة بهم، بات أمر "سخيف"، للغاية، وينحرف بالمجتمع، وبأصحاب القرارات لاتجاهات محبطة عكسية.
ويزداد الأمر سوءًا بتدخل بعض راغبي الشهرة ممن يُطلقون على أنفسهم خبراء، سواء كان عضو هيئة تدريس جامعي أو بالتربية والتعليم، والذين لا يهتمون إلا بالظهور اليومي على الشاشات، دون وعي كامل بالأمور، وكذا بعض أدمن جروبات السوشيال ميديا، فيما يخص كل عناصر العملية التعليمية؛ مما لها آثار سلبية، لأنهم يتحدثون بمنطق فرض رأي على المنظومة، وهذا سببه الأول وزارة التربية والتعليم، لأنها سمحت لأي شخص ظنوا أن له وجودا على السوشيال ميديا لكي يحضر الفعاليات الرسمية، ويسمح له بمناقشة القرارات، والمفترض يناقشها قيادات التعليم والخبراء الحقيقيين، بل يتصورون أنهم دائما على صواب، ومَن دونهم لا يفقهون شيئًا.
ومن المؤسف أن يكون شخص يحيطه فشل داخل عمله ودرجاته العلمية، ويستمر في الحديث عن النصائح فضلا عن توجيهات اللوم للمؤسسات التعليمية.
مرض الشهرة، هذا مرض حقيقي، فتجد الشخص يلهث لتحقيق مآربه ويستخدم كل ما هو مثير، ويستخدم مَن حوله ممن هم مضطرون للتعامل معه لمصلحة ما، سواء كان طالبا لديه أو موظفا هو يرأسه، وحتى أشخاص ضمن عائلته.
والطب النفسي يُعرِّف مرض الشهرة بأنه عُقدة اجتماعية، سلوكية.. وخليط من الهوس والاكتئاب "هيستيرية سيكوباتية". والحقيقة أن الإنسان الناجح يكتسب الشهرة، من خلال تقديم عمل جيد حقيقي، لافت للجميع، وليس بفقدان قيمة ذاته التي يبحث عنها من خلال الأمور السابق ذكرها.
ولابد أن ينتبه الإعلام والجهات المسؤولة جيدًا لمثل هؤلاء المرضى؛ لأن مصطلح خبير له قواعد ومعايير، وحتى لو انخدع الكثير منا أمام معرفة حقيقة تلك النماذج، لكن يجب إعادة ترتيب الأمور، وكفانا عبثًا..
كما يجب تدخل جهات عمل هؤلاء الأشخاص ومراجعة حصولهم على إذن مُسبق للحديث هنا وهنا، كما هو متعارف عليه في تنظيم عمل المؤسسات التعليمية سواء كانت جامعية أو خاصة بالتربية والتعليم، وذلك لصالح المجتمع أولًا والحقيقة أن هؤلاء لن يستمروا كثيرا، طال الوقت أو قصر سينكشفون أمام الجميع، لأنهم مفلسون ويتغذون على ازدرائهم للآخرين!